موسوعة هيثم حسن السطوف الأدبية

الجمعة، 5 يناير 2018

المعتمد بن عباد

مالي أراكَ بصـبــري يا ابنَ عبّادِ
حـتّى تفتّقَ مـن حاليكَ ميلادي

فكـنـتُ ذا ترفٍ فيما وشى زمني
ثمَّ انتهـيتُ  بأسـرِ الرّائحِ الغادي

وخانَني الصّحبُ لمّا رمـتُ قرطبةً
وشقَّني الحلمُ لمّا عـدْتُ أمجادي

وساقَني الكِبرُ حتّى صرتُ معتمداً
واللهِ مــا همَّني مــن أمــرِ جلادي

جمعتُ أندلساً من بعدما افترقتْ
بلغتُ ما لـم يطلْ جـدّي لأولادي

يا صاحبي لا تلـمْ دهري بما فعلوا
فهــكذا ضـيّعَ الأمــجــادَ أجدادي

يستنشقُ الشِّعرُ من أنسـامِ غانيةٍ
حـتّى يسـافـرَ بي مـن غيرِ ميعادِ

فيركــبَ البـحـــرَ مــأمــولاً بثانيةٍ
وتنظـرُ الرّيحَ لمّــتْ فيـهِ أعوادي

حتّى رأيتُ اعـتـمـاداً في يدي نهَرٍ
لم ينطفئْ وجدُهُ في عبرةِ الصادي

كانتْ سلاماً مـن الرّحمنِ زارَ دمي
صلّيتُ في مقـلــتيها كــلَّ أعيادي

جدلتُ تلكَ القوافي مـن ضفائرها
وعــادَ قلبي صــبــيّاً شـاعــراً شادِ

وصغتُ كلَّ حروفِ اسمي بأحرفِها
باســمِ اعــتــمــادٍ تولّاها ابنُ عبّادِ

أقــامَ حكمَ القوافي في البلادِ إلى
أن شقَّ صدرَ العدا بالسّيفِ والضّادِ

وعنـدما عـادَ وجـهُ الأرضِ  أندلساً
اسـتـبـدلَ الحــقُّ أغـــلاها بأوغادِ

شقّوا على الدّاخل الميمونِ رحلتَهُ
ليصبحوا في تجنّي الدّهرِ أسيادي

فيا اعتمادُ ينادي الـيــومَ مجـلسُنا
أجيبُ والبعـدُ حتّى في الثّرى بادِ

نمضي وإشبيليةُ الخضـراءُ تنظرُنا
يبكي على شـاطـئـيـها كــلُّ ميعادِ

كأنّنا لـم نعــشْ فيـها الزّمــانَ صباً
سقيتُ بالقـطـرِ مــن كفّيهِ أحفادي

كأنّنا لـم نعــشْ فيــها الزّمـانَ معاً
غــزلتُ بالحــبِّ يـومَ الطّينِ آبادي

كــأنّنا لــم نكـنْ أو كــانَ مـجـلسُنا
من كــلِّ ذي طــربٍ في شعرِهِ غادِ

نغادرُ اليـومَ قـصــراً قـد تركـتُ بهِ
آمـــالَ قـافــيـــةٍ تـرجــو لـهـا هادِ

تركتُ في بابِ قصري كلَّ أخيلتي
حتّى رحــلــتُ بلــيــلٍ جــدِّ رعّادِ

مــذكّــراً كـــلَّ طـــيــرٍ زارَ أندلساً
خذْ روحَ من لم يفارقْ غيرَ أجسادِ

تاللهِ لا تذكـــرُ الأحــلامُ قــافـيـةً
إلا شــدا شِـعـرُهُ مــن دونِ إنشادِ

أكــرمْ بمـن مـنـحـوا أيّامَهم صلةً
إليَّ من عهدِ كــلِّ الخـلقِ في عادِ

وفـارقوا والرّؤى تطـفـو بأعينِهم
وأقـبــلــوا والأسى زادٌ على الزّادِ

فأكرمي مثواهمُ أغمـاتُ وابتسمي
على فـتىً لعــظـيـمِ الـذّكـرِ منقادِ

لــم تــبـــقَ أندلــسٌ إلا بأحــرفِهم
اسـمِ اعـتـمـادٍ وأشـعــارِ ابنِ عبّادِ

أحمد عبد الرؤوف   سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الهروب///بقلم الاديبة /// //ياسمين غمري  // أركض هاربة من صدى ضحكة كانت لي ... تائهة في ممرات مدينة لم تعد لي.. وحزني يتدفق مثل نهر...