موسوعة هيثم حسن السطوف الأدبية

السبت، 2 ديسمبر 2017

طيفك

طيفُك
كُلُّ شيءٍ حولي صامتٌ
تلفازي وكرسييَّ ومقصورتي
أبصرتُ الظلامَ الدامسَ
فأدهشني وغدْتُ لفراشي
بعد عناءِ يومٍ مفعمٍ بالهمومِ والمتاعب
فإذا بطيفٍ يرسمُ معالمَ وجهكِ
في كلَّ زاويةٍ على جدارِ غرفتي
ولكنْ ماأوثبَ قلبي من صدرهِ
ودفعني إلى منضدتي
لأمسكَ ريشتي
وأكتبَ على بياض أوراقي
هو بريقُ عينيكِ
فذاكَ الظلامُ الدامسُ
ماهو إلّا لمعةٌ من عينيكِ
داهمتني الحيرةُ
وبأيَّ ريشةٍ أكتبُ لكِ؟
وأيُّ ريشةٍ تليقُ بمقلتيكِ؟
أبريشةِ الحبَّ ، أم بريشةِ الصداقةِ،
أمْ بريشة الأخوّةِ ، أم بريشةِ الإنسانيةِ؟
نهضْتُ وركضْتُ إلى حديقتي
وقطفْتُ وردةً جوريةً يانعةً
فلا يليقُ بكِ إلّا الوردُ
وبدأتُ أكتبُ في رأس صفحةٍ
ناصعةِ البياضِ بلونِ قلبكِ
مرَّ في حياتي كثيرٌ من النساءِ
حتى هَرِمَ عمري
بعضُهُنَّ حسناواتُ
وبعضُهُنَّ قبيحاتُ
وبعضُهُنَّ خائناتُ
وبعضُهنَّ كثيراتُ الفضول
وبعضُهُنَّ لايشبهْنَ النساءِ بشيءٍ
حتى مللْتُ من نساءِ الأرضِ
فهجرْتُهُنَّ وتعرّفْتُ إلى نساءٍ
من الأساطيرِ والرواياتِ
ولجأت إلى كتبٍ باهظةِ الثمنِ
لأعرفَ عن حواءَ أكثرَ فأكثر
كثيرٌ من الشّعراءِ ولأدباءِ قالواماكرة
وآخرون قالوا ساحرة
وذاكَ قال فاتنة
وهولاء قالوا آثرهَ
لكنْ عندما حدّثتيني عن قلبكِ
رسمتُ الصدقَ ببريق عينيكِ
وشعرتُ بأنّي كنتُ أضيعُ وقتي
باحثاً عن الأنوثةِ التي أريدُها
فأنتِ للأنوثةِ عنوان
أنّكِ امرأةٌ من الخيال
وتحوّلَ ذاكَ البريقُ بكاءً
وبدأ الجدارُ
الذي رسمَ وجهَكِ يذرفُ دموعاً
وفجأةً تضربُ غرفتي هزّاتٌ أرضية
من ضرباتِ قلبكِ
تبعثرتْ أوراقي
تطايرتْ ستائرُ نافذتي
وعَبَثَ الريحُ بأرجاء غرفتي
بدأ الخوفُ يسيطرُ عليَّ
وارتجفَ خطّي
وهزّني صوتُ رعدٍ يشبهُ صوتَكِ
هزَّ ضلوعي وازدادتْ دموعي
ومن شدّة خوفي أمسكْتُ بريشتي
وكتبتُ بقوّةٍ فغرزت شوكتُها كفي
نَزَفَ دمها على ساقي
وكتبتُ لعينيكِ بدمٍ معبّرٍ
عن عزائي
وكلّما شعرتُ أنَّ الخطَّ قد سَمُكَ
أخفَّفُ حدَّه بمزيجٍ من دموعِ عيني
حتى تمتلئَ محبرتي بحبرٍ مدادُهُ دموعي
ودمائي حبرٍ أرجوانَّي اللونِ
أكتبُ بخطًّ ليس من العربيةِ
ولا العبريةِ ولا اليونانيةِ
إنما بخطًّ ترسمُهُ رجفاتُ قلبي
أَيَا بنتُ الأقدارٍ
أينَ أنتِ من معركةٍ شرسة
التقت فيها جيوشُ الدنيا
وكتائبُ الأقدارٍ
وكان شهيدُها قلبي
هل أنتِ ضعيفةٌ تبكينَ فوقَ جثّتي؟
أخذتْ تلكَ الجثّةُ
بذاكرتكِ إلى بطولةِ
ورجولةِ فارسي أحلامكِ
فما تعلمتِ من الفارسي المغوارِ؟
لا أريدُكِ مهزومةً ضعيفةً
أتدرينَ مَنْ ؟
أنا سيفُكِ المسلولُ
أمسكي بي وواجهي أعداءَكِ
فسوفَ أقاتلُ معكِ حتّى النهايةِ
لننتصرَ في معركةِ الحبَّ
التي كان شهيدُها قلبي في حبَّكِ

أحمد المحمد سورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الهروب///بقلم الاديبة /// //ياسمين غمري  // أركض هاربة من صدى ضحكة كانت لي ... تائهة في ممرات مدينة لم تعد لي.. وحزني يتدفق مثل نهر...